کد مطلب:58497 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:134
فلمّا وجّهوا إلی رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم جلس أبو حارثة علی بغلة وإلی جنبه أخ له یقال له: كرز ـ أو بشرـ بن علقمة یسایره إذ عثرت بغلة أبی حارثة، فقال كرز: تعس الأبعد ـ یعنی رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم ـ. فقال له أبو حارثة: بل أنت تعست. قال له ولم یا أخ؟ فقال: والله إنّه للنبیّ الذی كنّا نتظر. فقال كرز: فما یمنعك أن تتّبعه؟ فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرّفونا وموّلونا وأكرمونا، وقد أبوا إلاّ خلافه، ولو فعلت نزعوا منّا كلّ ما تری. فأضمر علیها منه أخوه كرز حتّی أسلم ثمّ مرّ یضرب راحلته ویقول: [صفحه 227] إلیك تعدو قلقاً وضینها[1] . مخالفاً دین النصاری دینها فلمّا قدم علی النبیّ صلّی الله علیه وآله وسلّم. قال: فقدموا علی رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم وقت العصر وفی لباسهم الدیباج وثیاب الحبرة علی هیئة لم یقدم بها أحد من العرب، فقال أبو بكر: بأبی أنت واُمّی یا رسول الله لو لبست حلّتك التی أهداها لك قیصر فرأوك فیها. قال: ثمّ أتوا رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم فسلّموا علیه فلم یردّ علیهم السلام ولم یكلّمهم، فانطلقوا یتتبّعون عثمان بن عفّان وعبد الرحمن بن عوف ـ وكانا معرفة لهم ـ فوجدوهما فی مجلس من المهاجرین، فقالوا: إنّ نبیّكم كتب إلینا بكتاب فأقبلنا مجیبین له، فأتیناه فسلّمنا علیه فلم یردّ سلامنا ولم یكلّمنا، فما الرأی؟ فقالا لعلیّ بن أبی طالب: ما تری یا أبا الحسن فی هؤلاء القوم؟ قال: «أری أن یضعوا حللهم هذه وخواتیمهم ثمّ یعودون إلیه». ففعلوا ذلك فسلّموا فردّ علیهم سلامهم، ثمّ قال: «والذی بعثنی بالحقّ، لقد أتونی المرّة الاُولی وأنّ إبلیس لمعهم». ثمّ سائلوه ودارسوه یومهم، وقال الاُسقف: ما تقول فی السیّد المسیح یا محمّد؟ قال: «هو عبد الله ورسوله». قال: بل كذا وكذا، فقال صلّی الله علیه وآله وسلّم: بل هو كذا وكذا، فترادّا، فنزل علی رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم من صدر سورة آل [صفحه 228] عمران نحو من سبعین آیة تتبع بعضها بعضاً، وفیما أنزل الله (إنّ مَثَلَ عیسی عندَ اللهِ كَمَثَلِ آدمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ـ إلی قوله: ـ علی الكاذِبینَ)[2] . فقالوا للنبیّ صلّی الله علیه وآله وسلّم: نباهلك غداً، وقال أبو حارثة لأصحابه: انظروا فإن كان محمّد غدا بولده وأهل بیته فاخذروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه وأتباعه فباهلوه[3] . قال أبان: حدثنی الحسن بن دینار، عن الحسن البصری قال: غدا رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم آخذاً بید الحسن والحسین، تتبعه فاطمة علیهم السلام، وبین یدیه علیّ علیه السلام، وغدا العاقب والسیّد بابنین علی أحدهما درّتان كأنّهما بیضتا حمام، فحفّوا بأبی حارثة، فقال أبو حارثة: من هؤلاء معه؟ قالوا: هذا ابن عمّه زوج ابنته، وهذان ابنا ابنته، وهذه بنته أعزّ الناس علیه وأقربهم إلی قلبه. وتقدّم رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم فجثا علی ركبتیه، فقال أبو حارثة: جثا والله كما جثا الأنبیاء للمباهلة. فكع ولم یقدم علی المباهلة، فقال له السیّد: ادن یا أبا حارثة للمباهلة، فقال: لا، إنّی لاَری رجلاً جریئاً علی المباهلة، وأنا أخاف أن یكون صادقاً فلا یحول والله علینا الحول وفی الدینا نصرانیّ یطعم الماء. قال: وكان نزل العذاب من السماء لو باهلوه. فقالوا: یا أبا القاسم، إنّا لا نباهلك، ولكن نصالحك. فصالحهم [صفحه 229] النبی صلّی الله علیه وآله وسلّم علی ألفی حلّة من حلل الأواقی قیمة كلّ حلّةأربعون درهماً جیاداً، وكتب لهم بذلك كتاباً. وقال لاَبی حارثة الاُسقف: «لكأنّنی بك قد ذهبت إلی ذهبت إلی رحلك وأنت وسنان فجعلت مقدّمه مؤخّره» فلمّا رجع قام یرحل راحلته فجعل رحله مقلوباً فقال: أشهد أن محمّداً رسول الله[4] .
وقدم علی رسول الله صلّی الله وآله وسلّم وفد نجران فیهم بضعة عشر رجلاً من أشرافهم، وثلاثة نفر یتولّون اُمورهم: العاقب وهو أمیرهم وصاحب مشورتهم الذی لا یصدرون إلاّ عن رأیه وأمره واسمه عبد المسیح، والسیّد وهو ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه الأیهم، وأبو حارثة بن علقمة الاُسقف وهو حبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم له فیهم شرف ومنزلة، وكانت ملوك الروم قد بنوا له الكنائس، وبسطوا علیه الكرامات لما یبلغهم من علمه واجتهاده فی دینهم.
معترضاً فی بطنها جنینها
صفحه 227، 228، 229.